سيرة حياة لين بياو


   لين بياو (1907 - 1971) أحد القادة الشيوعيين الصينيين ساهم في الصراع على السلطة في الصين وشغل عدة مناصب عسكرية هامة اشتهر بإنتصاراته على اليابانيين وهزيمته للوطنيين في الحرب الأهلية الصينية، ودعمه لكوريا الشمالية في الحرب الكورية ضد قوات الامبريالية العالمية بقيادة عدوة الشعوب الولايات المتحدة ، ودعمه لفييتنام الشمالية في حربها ضد الأمبريالية الأمريكية.

  انحدر لين من الريف الصيني الذي كان فقيراً ويعاني الاضطهاد على يد مالكي الأراضي الاقطاعيين. فقد ولد لين في  5 ديسمبر1907  في مقاطعة هوبيه وفي سن مبكرة نمت لديه الرغبة في تغيير الوضع. غادر البيت في سن الثامنة عشرة وانضم إلى اتحاد الشبيبة الاشتراكية وأصبح طالباً في أكاديمية وهامبوا العسكرية، مهد الفكر القومي والماركسي وتخرج منها عام 1926. وصعد سلم الترقيات سريعاً في أثناء الحملة الشمالية من يوليو 1926 حتى أبريل 1927 ليصبح رائد في أقل من عام. بعد ذلك فر من الجيش الوطني لينضم إلى الشيوعيين.

   درس لين بجانب عديدين آخرين أصبحوا قادة الثورة الاشتراكية في الصين. واندلعت حرب أهلية بين الإقطاعيين والقوى القومية وقاد فيها لين القوميين في معارك ضد نظام الأباطرة ومالكي الأراضي.

   ولكن تشانغ كاي تشيك رئيس حزب كيومنتانغ القومي هاجم في عام 1928 حلفاءه الشيوعيين قاتلاً الآلاف منهم.أعاد لين وماو وشو وآخرون تجميع قواهم أخيراً وأسسوا جيشاً جديداً قاتل الطبقات الحاكمة. وكان هدفه وضع المعامل والأرض والسلطة السياسية في أيدي العمال والفلاحين، الأغلبية الساحقة من الشعب الصيني.أتقن كل من لين وماو فن حرب العصابات. واعتمدت استراتيجيتهما "الحرب الشعبية" على تأييد العاديين للتمكن تدريجياً من إنشاء نوع جديد من الجيش المسيّس بدرجة عالية والديمقراطي.

   قاد لين وماو في الثلاثينيات والاربعينيات من القرن العشرين حرب عصابات ضد الجيش الامبريالي الياباني الغازي. وفي المناطق التي سيطر عليها جيشهما - جيش التحرير الشعبي - تم توزيع الأرض على الفلاحين الفقراء الذين قاموا، بالاشتراك مع كوادر الحزب الشيوعي، بإدارة القرى لمصلحة الشعب. وللمرة الأولى صار للناس العاديين رأي في اتخاذ القرار وحوكم مالكو الأراضي والنبلاء على جرائمهم ضد الشعب.

   وكان الناس ينظرون إلى لين وماو نظرتهم إلى روبن هود، وانضم إليهما عشرات الآلاف من الصينيين المتطلعين إلى بناء مستقبل اشتراكي في الصين.

   انتصرت الثورة في عام 1949، وفر تشانغ كاي تشيك، المدعوم من الولايات المتحدة، إلى تايوان. وأعلن ماو في اجتماع شعبي حاشد "الشعب الصيني قد نهض". وكان يقف إلى جانبه لين الذي حررت قواته العاصمة للتو.

   وأصبح لين في عام 1959 وزير الدفاع في الصين. وألغى امتيازات الضباط وشارة الرتبة.

   هاجم طلاب جامعة تسينغهوا في عام 1966 الاتجاهات النخبوية والبيروقراطية وشكلوا الحرس الأحمر. وأيد ماو ولين بقوة "حق الطلاب في الثورة". وكانت هذه بداية ثورة ضخمة ضمن الثورة. وأصبحت الشبيبة الصينية قوة مقاتلة ضد الذين دافعوا عن إحياء الرأسمالية والسياسات النخبوية.

   وفي المعامل التي تملكها الدولة، بدأ العمال انتقاد رؤسائهم. وفي المدارس التي كان فيها المعلمون فوق النقد، أصبحوا هدفاً لمعارضة طلابية واسعة. وصارت تقوية الناس العاديين وتجمعاتهم شعار ما بات يعرف بالثورة الثقافية البروليتارية الكبرى.

   كان لين ممثلاً لماو في هذه الفترة. وألف كتاباً بعنوان "عاش انتصار حرب الشعب" قال فيه إن الثورة العالمية ماضية ضد الامبرياليين الأمريكيين. وأكد أن العالم النامي وقوى الاشتراكية والشيوعية تستطيع تطويق الامبرياليين وسحقهم.

   وعندما ثار عمال شنغهاي، المدينة الصناعية الأولى في الصين, بدأت آراء ماو ولين تختلف. فقد أقام عمال شنغهاي حكومة جديدة في مدينتهم على نمط كومونة باريس. وكان قادتها عرضة للإقالة الفورية من قبل العمال. وكانت هناك حرية الكلام والوصول الحر إلى الإعلام لعامة الشعب. انتشى لين بما شاهده في شنغهاي. ودعا لأن تصبح الصين كلها دولة كومونة. وأعلن: لا مزيد من البيروقراطية، وضرورة ممارسة مجالس العمال سيطرة ديمقراطية مباشرة. وانضمت إليه جيانغ كينغ زوجة ماو وآخرون وصفوا فيما بعد من قبل اعداء الثورة الذين استولوا على السلطة بعد وفاة ماو ب"عصابة الأربعة".

   ولكن ماو لم يوافق. وكانت حجته أن هذا العمل سيسبب "البونابرتية". وشعر ماو أن الكومونة أضعف من أن تقمع المعارضة.

   وبدأ لين يدعو كذلك إلى علاقات أفضل مع الاتحاد السوفييتي. فقد رأى لين أن البلدان الاشتراكية كلها تقف في الجانب نفسه من حرب الشعوب الدائرة عبر العالم. ولكن ماو كان قد بدا إعلان أن الاتحاد السوفييتي "امبراطورية امبريالية اشتراكية" و"الخطر الرئيس على شعوب العالم".

   ازدادت الخلافات حدة بين لين وماو. ومات لين في (13 أيلول 1971) في ظروف غامضة.

   تقول الرواية الرسمية إن لين حاول اغتيال ماو ولكنه أخفق ومات في تحطم طائرة خلال محاولته الفرار إلى الاتحاد السوفييتي.

   يقول المنظر الماركسي-اللينيني المعاصر الرفيق سام مارسي زعيم ومؤسس حزب العمال العالمي الأمريكي في كراسه "الصين عام 1977: نهاية عصر ماو الثوري" إن لين قتل بامر من ماو تسي تونغ نفسه وإن وفاته مثلت بداية الانعطاف اليميني في الصين.

   وأصبح الرأي القائل بأن الاتحاد السوفييتي "الخطر الرئيس" الخط الرسمي للحزب الشيوعي الصيني.

   وفي العام التالي دعي رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ريتشارد نيكسون لزيارة بيجينغ، في الوقت الذي كان فيه البنتاغون يواصل حربه ضد شعوب جنوب شرقي آسيا.

   وقد دفع ماو تسي تونغ ثمن اخطائه في تصفية رفيق دربه في السلاح لين بياو وسياسته الخاطئة بالتقارب مع الامبريالية الامريكية والاستعمار والتحالف معهم ضد الاتحاد السوفيياتي غاليا. فبعد وفاة ماو وصل هوا غو فينغ ومن ثم دنغ شياو بينغ إلى السلطة بنتيجة من اخطاء ماو تلك. وحوكم زعماء الثورة الثقافية بتهمة "أنشطتهم المعادية للثورة" من قبل اعداء الثورة انفسهم!!. وبدأت الصين بعد وقت قصير تبني السياسات الرأسمالية.

 

عودة الى قسم "لين بياو"